من الأهداف الإجرائية إلى الكفايات
كثيرا ما يطرح المعلمون و المشرفون التربويون أسئلة حول العلاقة بين الأهداف و الكفايات وخاصة عن جدوى
الإبقاء على الأهداف الإجرائية و استبدالها بالكفايات ،و منهم من يتمسك بالأهداف و يعتبرا لتعليم بالكفايات مغامرة
غير مضمونة النتائج ..
و الأسئلة التي يمكن طرحها في هذا الصدد هل هناك تناقض بين الهدف و الكفاية؟ و هل علينا أن نحدد موقفنا كطاقم تربوي من هذه المقاربة التربوية؟ هل هي مسألة تناقض أم تكامل بين المفهومين؟.
وعلى هذا الأساس إن الإجابة على هذه الأسئلة تتطلب تحديد المفاهيم المتعلقة الأهداف و الكفايات و التي يكتنفها بعض الغموض لدى الكثير من المعلمين و المقارنة بينهما و الحكم على مدى نجاعة الأهداف أو الكفايات في عمليتي
التعليم و التعلم.
الأهداف:
خلال ستينيات القرن الماضي تحول التعليم من الموسوعية إلى التخصصية و برزت الأهداف الإجرائية كعنصر أساسي يوجه العمل التربوي و يوفر معايير واضحة لتقييم آداء المتعلم ،حيث تميز التعليم بالتركيز على دقة المعارف و كميتها و على تنمية المستوى النظري عند المتعلم و اعتمد على الطرائق التلقينية و المقاربات التحليلية
و على ثقافة الامتحان الذي يسعى دائما إلى تغطية موضوعات المنهاج كافة.
و بعد التجربة في مختلف المؤسسات التربوية لأكثرمن عقدين من الزمن بدأت تظهر حدود التعلم بالأهداف ،فسعى
المربون إلى تحسين الطرائق و الوسائل وآداء المتعلم و الممارسات الصعبة لكن كل هذا لم يحدث تغييرا جذريا ،
و أظهرت الدراسات و النقاشات التربوية المسائل التالية:
01ـ التعلم و الحياة:أدى التركيز على الأهداف الإجرائية إلى فصل التعلم عن المحيط بحيث لم يتمكن التلاميذ من
توظيف المكتسبات المدرسية ثم حل مشكلات الحياة اليومية و الاجتماعية بعالم العمل.
02ـ التركيز على النتائج:التعلم بالأهداف لم يعط وزنا كافيا للمنهجيات و الطرائق التي تتطلب من المتعلم مستويات
ذهنية مختلفة.
03 ـ التجزئة بالأهداف تجزئة الحياة: إن الحياة متماسكة و تتناولها العلوم وفق ميادين معرفية معينة و هذه التجزئة عملية منهجية لا تهدف إلى تجزئة الحياة الاجتماعية أو الشخصية البشرية ,إنما إلى تسهيل التعلم و تعميقه ،لكن غالبا مايغرق المتعلم بمهام جزئية دون أن يعيد ربط الجزء بالكل فيفقد شمولية التفكير و تماسك العمل.
04 ـ التباعد بين المواد: يشكل التعلم بالأهداف منطقة حواجز بين المواد علما أن القدرات التي يستثمرها المتعلم
في كل مادة قابلة للتحويل و النقل من مادة لأخرى مع العلم أيضا أن حل مشكلات العمل يتطلب تكامل المعارف و تنوعها أكثر مما يتطلب التخصص المفرط .
المقاربة بالكفايات:
المقاربة بالكفايات مذهب بيداغوجي حديث يسعى إلى تطوير كفاءات المتعلمين و التحكم فيها عند مواجهة التحديات في وضعيات مختلفة مع العلم أنها لا تتعرض مع البيداغوجية الكلاسيكية لكنها جاءت لتؤكد الأهداف التي تؤخذ بعين الاعتبار تطور المدرسة و المجتمع.و هذا يعني أن الهدف الأسمى هو إعداد متعلمين يتجاوبون مع علم الشغل على أساس الكفاءة المهنية التي تتطلبها الوظيفة عكس ما كانت عليه المدرسة سابقا و التي سعت إلى تلقين معارف
تتوج بشهادات على أساسها يتم التوظيف في مناصب .
و تأتي من اللغة اللاتينية و معناها السلطة حسب علوم التربية و هي القدرة على القيام ببعض المهام باعتبارها مجموعة معارف و مهارات منظمة و منسقة لأجل القيام بصفة مكيفة بنشاط غالبا ما يكون معقدا في الوضعيات الحقيقية لتترجم سلوكات فعلية تسمى الأداءات و التي تكون قابلة للملاحظة في عدد من الوضعيات المختلفة ،و يمكن تقويمها بناء على النتائج المتوصل إليها، كما تعتبر نظرية اقتصادية بحتة و نظرا لحاجة التعليم إلى نظريات تربوية و عدم توفر نظريات تخدم التربية اعتمدتها البلدان في أنظمتها التربوية مسايرة لمقتضيات التحولات المختلفة و روح العصر و قد ظهرت سنة 1968م خاصة في الكثير من الدول الأوربية.
كما تعتبر الكفاءة من منظور مدرسي مجموعة من الأهداف المتميزة تتحقق في نهاية فترة تعلمية أو مرحلة دراسية و تظهر في صيغة و ضعيات تواصلية دالة لها علاقة بحياة التلميذ يكتسبها نتيجة إعداده في برنامج تعليمي معين
و هذا هو السر الذي يبن اهتمام كل المؤسسات الاقتصادية و التربوية ..... و إصرارها على العمل وفق المقاربة
و على هذا الأساس تم بناء مناهج جديدة من لدن وزارة التربية الوطنية و شرع في تطبيقها ابتداء من السنة الدراسية
2003/2004. ربط من خلالها التعليم بالواقع و الحياة ، حتى تتحول المعرفة النظرية إلى نفعية لتكون النظرة الى الحياة من منظور عملي .
غير أن هذا لا يكفي مالم يعاد النظر في عملية التخفيف من محتويات المواد الدراسية بعد استشارة القاعدة و توفير كل الشروط و الوسائل الضرورية لذلك.
أتمنى أن يوفق الله الجميع على أداء هذه الرسالة النبيلة .